باقر صاحب بترنيمته السوداء يعيد اكتشاف ذاته بجدلية فلا
منتصر على الارض
اخضعنا لتنويم مغناطيس عشرون عاما ضوئيا!!
نجم الجابري
المدخل الخلاصة:
بين البدايات الاولى والنهاية الواحدة كف يمتد يرسم
ويعزف ترنيمة اولى تأتي شعرا وتكون احيانا صفعة اللمسة لخلق يوم ثامن تحت السماء الثامنة،
تصطاد اللحظات في شوارع ذابله ترنيمة بلون رماد الارض وزمن القرية تصطاد زمن كثور
هائج حتى مفرق الخمسين !!
تتوالى المراثي للطوائف وللزواحف ولحبيب يأتي في زمن
الوجع المجان بلغة لا تصلها بلاغة كل اللغات تلبس قصائده تيجان ، وجع دائم وربما
خيباته المتقطعة لا شيء ينبض كالأنهار غير اسلاك خليعة البلاغة تتقمص ان تكون
اولاتكون مراحل صيرورتها خلف كلماتها ومن قبل الحياه يجربها شخص اخر امام الكلمات
حروف متكافئة كأقفال مؤصده،قصيد لا يلتفت يتقدم في كل اتجاه يرسم أجراس الحرب
ومقاصله ويجرب كل البدايات كغناء في مسلخ
( عشرون ) محطة من نار وثلج تستوطن الحروف سيرة اخرى
لبلد لا يستريح لشاعر لا يمكن الا ان يكون بليغا لا يبالغ يتقمص كل الخطوات السابحة
في شواطئ دجله يبحث عن احلام ارق من هدير الينابيع
لا شيء يغادر الحقيقة فالحروف التي تتعرى في مكامن
النكوص لا تستطيع ان تذوب اوتعطي عسلا، لوحات يرسمها الشعر بل شعر ونثر وحروف من
كل لغات الدنيا !!
كيف لشاعر ان يزجر طفولة ايامه ويتسول في ابواب شيخوخته المتغيرة
؟ بلى فالأيام كالروح التي لاتدع البؤس يتوسدها،نهارات داميه تكتب لغة ألم مر لعقد
من تاريخ وطن..
هل الجديد دائما يحترق ؟ هذا ما قالته حروف الديوان وهي
تتماسك في وهج اللحظات الهاربة من قيود غبار الدهر
ماذا تفعل حينما يصيب مرماك الموت بكل مراحله وطعناته
وحتى مقدماته اتشرب ينابيع الضوء الشفيف ام تلوك بقايا احلامك مطاحن الحضور ام
تنتظر ولادة زمن اخر يرسمه التلفاز ؟ !!!
العالم يتعرى يخلع كابوسه تسقط اقنعته المتسلقة بسيقان
الموت وتعبد اصنام اخرى وبقايا رماد لأحلام هالكه ، الظمأ الناهض لا يكترث كثيرا
بالبرق وارجوحة السحاب مازالت الاسماء لا تغير من الحديث عن اعتراف غائم !!!
ضجر التراب والدم انسكاب نافورة ضوء تعكس رائحة الدم
وتكفر بسر اللون الاحمر تعزف اوتار الاحلام المثقوبة الغارقة في مياسم الجحيم
لا شيء يغادر الفضاء والوحشة تتوسط بين الموت وبين الحب، العالم يحرك
شياطينه والملائكة لا تثور ضحكا، سوى من ينحني رأسه عندما تتمكنه المخابئ ويكتب ورقة الظلام، زهور الشعر لا تعرف
الحداد لكنها ادمن لباس غيوم ندمها رغم هشاشة الضوء والالق الشاحب حينما يرقد في
مكامن النسيان
وفي الحكايات
حينما تهرم ترسانة الالم دائما ترعف عتمة الشعر وتولد نصوص تعيد رسم الحياة لا
تولد لصوص يقتلون الحياة ليس هنالك لحظة ترسم العدم فحينما توسوس الاحتمالات
لهاوية اخرى هناك اصغاء وضجيج يموسق بقايا الخطى حينما يضيع اثر اكسير الحياة،
اللحظات المفخخة بالاحتمالات لا تحصى مثل لهاث الشظايا خلف الاشلاء لا يحصيها
مقياس، فحينما تموت الاحلام بداء الشخير
يشب الندم حريق ،
من يشرب من؟! فكل منحى ازدهار او انكسار ترتديه نساء المدن
المتوهمات باصطياد الربيع الكاذب.
يمتد كذراع الحكمة في رحلة التيه الى اوجاع موحشة فالموت
يتضور بين احضان الحياة وتمضي ايامه غفله غفلة وتسقط جدارات !
الصيحات الكبرى حينما ينتظر الجميع من معركة حاسمة ان
نموت جميعا بمخالب حبنا للوهم وللشيطان
لات حين مناص
ولات ساعة احتشام فعدوك يتعرى يكشف اخر سوأته ويغرس اشجار الكوابيس في جمجمته لا
امل يرجى والادمغة صارت صفيح !
لا منتصر في الارض او عليها فهزيمتنا غرست مفاتيح الرؤيا
على جنبات توجسنا القديم(تحت رائحة الموت)
الان ستبقى
عيوني ترسم طوفانك وهديرك المرير فامرأة القرية حشد من الاسرار بل حشد من الاحرار
ستدفن الاف اللعب حينما ينبت الرعب فجسد الشعر فضفاض لا يرضى الالتباس كثوب
الاحرام لا ثوب الحرمة يموت ويحي في اشتهاء!!
اغمض عينيك
ستدرك ان في الخمسين كيف تتهاوى كل قناطري وقناطيري وتعود الاحلام الكاذبة من ان
الانهار والنهارات عادت تسبح في بحيرة ضوء!!
تدنو ساعات رحيلي قرنا قرنا تحصى اخطائي ايمكنني احصاء
الاخطاء ستتوب الاخطاء فمتون التاريخ مليئة فآلاف الحمقى ستتوب فأقواس الليل
مطمئنة أليس النهار مازال رماديا وبأسم الله تمتد الجذوات تحت رماد الخوف من
فوق ارصفة العشق والوجدان تكتب قصص حب
نازفه تمتد من الق الشمس حتى حصاد الافق يوم يرتجى ؟
امطار الذكرى
حمراء تخلع فوهة الوجل ربيع يرمى اخلع ربيعك فبستان الدم يورق حفيفا، الموت بالذبح
جنون اعمى جاءت فيه فتاوى التكفير الكبرى؟ لن ارضى ان تتساقط احلامي وتهبطني في الطرقات
فرذاذ البرد كفيل بغسل سر وجودي
كيف لوجود ان يفسده رذاذ احمر؟!
تضاريس تذبل حينما تقفز الاف الفراشات لضوء اسود
اين بقايا الحب
وبقايا الخيل
فخريف الاخطاء مقيم
يتقمص
اغراءات
وامضاءات الليل
وتاج الخيبة شيخ جائر
سيتوج
في مربع فناره الضيف
لكن من يرشق العاصفة
حينما تظن ان خطواتك رحيق وقدماك افكار سحابه ستجزم حتما
بأن انثيالاتك لوعة بكر
في محطات الوجع
لا أحد يبحث عن ميت
لامرأة عاقر
فالموتى صاروا شهودا
حينما ماتوا كالنخلة
الموت انهمار
كيف لنافذتي ان تولد
وباب الرعب
يسير الف جمجمة تحدق
الكل قتيل
ياسماء امطري عيونا
كي تلد السماء
(الوعد المنتظر)
ذراعي يزداد صراخا
فالعتمة توقظ كلماتي
اتحدى نفسي وانا نصف عار
اتلوى
كالحافات المدببة
حينما لا تستوطن اختلاف الأمكنة
سيكون شروعي نوم عميق وجع عقيم او حلم اعمق
وتلك ترنيمه سوداء
@@@@@@@@@@@@
ترنيمة سوداء
بعد جياد لن تصل وطيور يوميه صدر منجز
الشاعر باقر صاحب ترنيمة سوداء عن الدار العربية
للعلوم بيروت عشرون نصا لم يؤرخ الشاعر تاريخ ولادتها متعمدا رغم انه اشار الى
انها كتبت للفترة من عام 2000-2012 وهي دلالة واضحه على توثيق الشاعر لتداعيات تلك
المرحلة والتي بدأت بعد عام 1990 واستمرت حتى خروج قوات الاحتلال الامريكي
اذا ما سلمنا بأن الترنيمة شعر وموسيقى تعبر عن عقائد
الارواح الحزينة ولان الترنيمة مؤلمه فقد جاءت قصائد المجموعة بين موسيقى وحزن وشعر
وفلسفة وتجريد وامعانا في هذا المعنى ولدت مجموعة ترنيمة سوداء
الاهداء وحده اعاد اكتشاف اوجاعه وانسانيته المعذبة
واحلامه ص7 يقول
اخلع بلاغتي
اتقمص قدميك
اسبح معك في نهر الميدان
.......
تشنق زرقتها
صور أباء واجمين
أباء العسل الاجوف
وهو جزء من قصيدة خليع البلاغة ص42
في البداية يجب ان نعترف ان الشاعر استخدم وابتكر طريقة
حديثه في بناء قصائده وان كانت تبدو للوهلة انها متشابهة السياق: فقد وصل الى نفس المتلقي
وروحه رغم انه استخدم دلالة (كل)
ص13 كل ظهيرة احلم
بثالثه لكن مسميات الليل والنهار وفي ص 29 مداعبتك الى السرير كل يوم ص42
الشاعر او مازج
لقد مزج بين
الرؤية الواقعية والرؤيا الفلسفية في نصوص مجمل المجموعة بل اجزم ان الارهاصات
التي عاشها الشاعر امتدت لعقد من الزمن رسم فيها نموذج بارع وجليلا لتطور التاريخي
للنص الشعري ولقد اظهر في ترنيمته شيء من التمرد واتوهم ان معظم النصوص كتبت
انعكاسا لعواطف متعددة لعل عاطفة التدمير او جنون التدمير اقرب الى الدادا ئيه
الغير واقعية سيما وانه وظف ثيمة أن يكون الشعر اسئلة وان لم تأت بأدوات واذا قلنا
ان الشعر هو صنع السؤال والتحريض عليه لتمكين حالات الاندهاش ازاء مكنونات هذا
العالم ومنها الموت فسؤال الوجود كما السؤال في العدم او كما يرى البعض ان البحث
عن الحقيقة مزاحمة للأشياء ومكامنها بمعنى ان الشاعر حرر عن البحث عن الجواب وان
استبطن .
لقد ساهمت الترنيمة السوداء في انشاء الجمال المحلي
للروح العراقية رغم ان ما جاء من النصوص كان انعطافا فكري وسياسيا شديدا وبالنتيجة
كان انعطاف شعريا
ان الشاعر في مأساته وارهاصاته الوجدانية حاضرا في روح
النص فهو جزء من شعره واثبت ان مجد الشعر لا انقضاء له وان ماقيل من ان قصيدة
النثر بعد الحداثة والبنيوية انتحار للإبداع وتوريط المتلقي بنهايات مقترحة
ومفتوحة لأسئلة متكررة ليس الا محض افتقار...
لقد تمكن باقر
صاحب من زيادة اختراعاته في مختبره الشعري ومنجزه الفردي
اذا كان هناك من يظن ان الشاعر طرح مجموعة من الاسئلة في
نصوصه فاني اجزم انه طرح توقيعا واحدا على كل جدلية تضمنته قصائده قد وثق مسيرة
الانسان وتسامى الى ما وراء وعاش لحظه بالحظة
راسما مبدعا ما يعانيه الانسان في
لحظات ضعفه وقوته او في قوته الضعيفه0
انتقل الشاعر بأبداعه من امكنة الحلم الى امكنة الحقيقة
لم تغادر الوانه التعبيرية المشرقة وخاطب بجزالة الانسان والوطن واتى بأسئلة
فلسفية محرضة ومنبهه واكد في نفي بعض الاشياء الموت الشمس ، الحلم:الفجر: الالم: اللحظة
: الخوف قاد الشعر بها المتلقي من محطة لأخرى وايقظ ذاكرتنا وتماهي بعضنا ورسم كائنات حيه تحلق بـأروحنا
فوق غمام قد يمطر لقد رسم اشواقنا ونهاياتنا واحلامنا حتى سرى اعتقاد المتلقي ان
باقر صاحب اخضعنا لتنويم مغناطيس عشرون عاما فضائيا!!
صحيح ان الشاعر برمزيته مضى بالقاري لتفسيرات وتأويلات
الا انه وسع من فضاء خياله لدنيا حلم الواقع اوواقع حلم رغم انه اظهر على عكس ما
يرى البعض ان هدفه بين وان اخفاه في متن كل نص0
استخدم الشاعر لغة نوعية تتفاعل مع كل الاحداث وهو فاعل
فلسفي في عملية التعبير والتقصي والاستفهامات المثالية في منطقة اشتغاله بينما
تتلاقح مع رؤى ووجدان وتصورات الشاعر وحواريته مع نفسه ومع المتلقي ص9 وص31 وص34
وص37 وص42
ان الذائقة الجمالية للمتقي تلعب دورا هاما في فك طلاسم
النص ومعرفة احاسيس المبدع ووجدانه ووضوح الجمال المطلق في فلسفة الشاعر وبناءه في
قصائد المجموعة يبدو تأثر الشاعر بمجموعة متلاحقة من الخيارات الثقافية
والفلسفية فتارة يغلف الحياة بالشعر
والعكس بالعكس فهو يعالج في كل قصائد المجموعة مفاهيم كبيره على المستوى البنائي
في الاهداء قبل الترنيمة الكبيرة وهي قصائد المجموعة الكاملة يتماهى الشاعر
ويتقمص في بداية المراحل لحظة شروع الحلم
ويحاكم احلامه ويعيد اكتشاف ذاته!؟
في صفعة البداية يطرح سؤال موجه لذاته اولا فدائما يرى
الانسان نفسه من الداخل اجمل بكثير واقوى وافضل من جسمانيتة الشهوانية
اكتب
كي تزجر شيخوخة ايامك
عن التسلل الى وسامة روحك
00000كي يشرب الألم
دماءه في متاهة النص
كثافة شعرية في لغة بارعه مفعمة منمقة وعميقه، اشارات
وتنبؤات حتميه في اكثر من حواريه لقد عمل باقر صاحب على اكتشاف طريقه لإغواء
المتلقي في حوارياته المفتوحه ومشاكسته من خلال الغوص في ما وراء النص والاحتمالات
المتعددة مثلما وفق الشاعر في ان يضع القارئ في روح النص وان جهل او تجاهل حبكة
المعنى وما يبطن 0
قدم نصوصا عذبة كسحابة من عطر كانت ناضجه وبعيدة عن
الاسفاف وعن المشاعر الظاهرة والرومانسية انها تجربة غنية تمكن مبكرا من تقديم
باقة جديدة من الشعر الرصين وكان متأثرا بشحن الحضارة سيما الثورية منها لقد قرأنا
نمطا من التصور والخيال واستقراء القادم ورسم بأبداع تداعيان الزمكان 0
تميزت قصائد المجموعة بكثافة الوجوه التعبيرية فتارة تجد
نصا رمزيا وتجريديا فيما حرص على الشمولية في اصل الفكرة اعني فكرة النص وغادر
المحطات الصغيرة من المشاعر الكاذبه0
لقد قدم باقر صاحب لحن الخلود وببراعة وخاطب المتلقي من مواضع عديده واظهرت تجربته
قيمتها بما قدمه من حواريات ووصل الى مزاج المتلقي وتناغم مع احلامه ونكباته وطرح
اجابات لحيرات كثيره من خلال مشاركة المتلقي بطرح الأسئلة وهذا الانزياح وقدم
دلالات متعددة بقوالب محترف0
كما نكتشف ان الشاعر كان فنانا يرسم لوحته الشعرية قبل
ان تكتب ورسم ثنائية الوعي والشقاء وعاد الى الجذور من خلال اهمية المكان في النص
فقد شكل المكان لبنة اساسية في بنائه الفني للقصيدة من خلال جغرافية الحضور في
المفاصل0
نتساءل هل استطاع الشاعر ان يعيد اكتشاف وطنه ونفسه في
تلك المجموعة من خلال طرحه الأسئلة المتحركة التي يعرف اجاباتها؟
لقد ذكرني بالروائية التشيلية ايزابيل اللندي وعملها
الكبير (بلدي المخترع) وهي تؤسس لصور الضحايا والدم والاشلاء المبعثرة والتي سكنت
تحت الانقاض0
الخلاصة:
المنجز الذي بين ايدينا خلاصة تجربة باقر صاحب وليس
توثيقا لعقد واحد من حياته والحق انه مفخرة وتحفة ادبية وكل حروفه تفجر اللغة
وتطرح الاسئلة لاحتمالات متداوله
لقد عالج الشاعر في مجموعته ثيم عديده وعميقه ليس اهمها
الموت او الامل او مواجهة الحقائق بحقائق اخرى قدم نصوصا خلط ببراعةماصهرته بوتقته
وتجربته الفذة واظهر عالمه الشعري بلغة مميزة صورة جديده لقصيدة النثر تجاوزت
المألوف ومهد لظهور جيل جديد الشعراء وفتحت بابا لمدرسه نقدية معاصره تعتمد
التاريخانية وتفسير ما وراء النص تفسر كل الاشتغالات بروح جديده بعد انهيار الوئام
المجتمعي في نصف العالم الانهيار الذي ذهب بكل القيم وعاد بالحياة الى جزمية
الاعتقاد ان تكون او لاتكون؟
ملاحظة : اعترف اني عشت اجواء مختلفة وانا اتصفح المجموعة واجدني اعجز من مقاربتها نقدا فشخص هاو مثلي لا
يتقن الاحتراق والاحتراف لا يخترع وطن
Najem_aljabire@yahoo.com