الخميس، 2 مايو 2024

 الخمر والمرأة في بوح صادق الزعيري

قراءة في ديوان الشجرة لا تعقد صداقھ مع الفأس  نجم الجابري -المثنى 

یمكنني الاعتراف ان صادق الزعيري تكتبھ القصیدة لا یكتبھا فالرجل عندما تقلب ما يكتب من المجموعات الشعریھ تكتشف تلك الحقیقھ المطلقھ فھو لا يكتب إلا عندما تداھمھ القصیده بغیر استئذان ثائره ھائجھ ملیئھ بالمشاعر والانسانیھ والثورة وحتى المعارضھ احیانا فھو شاعر ثوري عارض النظام الديكتاتوري وتوقف عن كتابھ اي نص شعري بانتظار الفرج الموعود وقد طال لیل العراق لكنھ لم ييأس وحينما سقطت الاقنعھ وجاء الغزو كتب الزعيري دواوين عدیده منھا الكتابھ على الارض انا لست أحدا، نافوره الرماد ،وظھور وسیاط، الشجرة لا تعقد صداقھ مع الناس قرات ھذه المجموعات الشعریھ فوجدتھا تتقاسم اشياء عديده، الحب ، المرأه ، الخمر ،الوطن ، الثورة یقول انا لست احدا نعم ھو لیس احدا لافتات في الحياه، والموت ھكذا مجموعتھ انا لست أحدا يقول الطير ياكل النمل في الحياة والنمل يأكل الطائر في الممات وتلك لعمري خیر لافتة للطغاة یقول ص 33 في محرابها حین يغسل خيط الفجر من ابر الظلام وأنا أصحو من سكرة المنام أتوضأ بمياه نھر الشمس أیمم وجھي الرسول شطر كعبتھا في ص 52 ص یتحدث عن مفارقة الشباب والشیخوخة ویعكس الصورة یعتذر للشباب من الكھولة

یقول الا لیت المشیب یطول یوما فأخبره بما فعل الشباب ساخبره باني كنت صبا تغازلني الخرائد والكعاب فطورا ارتمي في حضن ليلى واونھ تراودني رباب فظل یا عمري حتى لا أراني صریع الكأس یغویني الشراب ھنا أجمل اهتمامات ومیولھ ونزعاتھ وحتى الدھشة في وضوح جلي بعبارات واضحة ص 55 في قصیدة زین نساء يتقزم أمام عملقة الجمال یقول أفقد رشدي إعلن یا ولیة العھد أنت الخليفة بعدي احكمي الخليقة یا ملیكھ من العراق الى نجد وأسجل ھنا تأثر الشعراء كثيرا بالخلفاء والسلطة في اشارتھ الى قبضة الحكم والسيطرة على عكس ما ينقل لنا التاریخ ذلك ص 60 يطرح سؤالا كبيرا سؤال استنكاري بلا شك قلت للشعر لماذا لا تزور

في الشجره لا تعقد صداقة مع الفاس أطرقت البرتقالة عندما علمت بسؤال التعاريف الیھا قالت لم غفرت سیدتی یا قمري قالت یقولون البكاء بین یدي بحیره ساوه موت و اعتذار ظل البدیل خیمة بیضاء زارھا اصدقاء الشمس كثيرا ارقام تسجل ومفردات تكتب قبل ان يغوص القارب في دفع الكبرياء بلادي عراق مشاع بلادي منفى المتجذرون ھكذا نزف الزعيري قصائد مجموعتھ الأخیرة یقول ص8 اطرقت --- ذات دل وعنق عاج ووجھ ذي لجين قالت تذكرين قلت نعم ان انسى لا انسى تلك القبلتین لافتات تناقش اوضاع مختلفھ یقول الصداقھ اكذوبھ اسطوره ثعلب جمیل واللیل غابات من النجوم وثمھ خيانات في ھذه المجموعھ الشفاه الحمر، والخمر، والمرایا في كل اشعار الزعيري

في غفوة یقول ولیلة حمراء كم قد لھونا بھا وكان الصحب من غید وفتيان شربنا زجاجات الخمور حتى ثمالتھا فأصبح الشرب من غاف وسكران وقبلھا یقول ھذي الشفاه لم تخلق لاحمر الشفاه بل خلقت كي تقبل وتقول آه ص 22 یرثي القاص حامد فاضل یقول ترى كيف سمحت لذئب الموت ان یغتال صوتك یا صدیقی قلت لك منذ زمن الموت

قال لقد جف من لدنك الشعور

يتسلل كاللص الى ذوي الكلم الناعم في ص 37 یكتب بلوعة عن الشھیده شيرين ابوعاقله التي اغتالت ها الشرطة الصهیونیة شیرین انت، القاتلھ وھم القتلى لانك ایقونھ الحرف الحر ولانك دفلى

في نص بلادي كتب نصا رائعا یترجم حقیقھ مرة عن العراق یقول بلادي بلاد النسوه الثاكلات بلاد الرجال المدمنين الحروب بلاد تخشى حتى الطیور ان تراودھا انثاھا علنا ص55 یتحدث عن عراقيون مقاطعا الشاعر اليمني عبد الله البردوني التي مطلعھا یمانیون من صنعاء الى عدن الخلاصھ الزعيري لم یغیر أسلوبھ الشعري وكیفیة تعاملھ مع النص الشعري ظل يوظف الدھشة في الحضور الزمكاني ويصطاد اللحظات الھاربھ للعصافير والحبيبات وحتى النمل بشفافية عالية یكتب كل حروفھ وكلماتھ احساسه المرھف يداري خواطر المتلقين لاشعاره حینما ترید ان تصف شعر الزعيري یجب ان تتوقف عند محطات سفره وإقامتھ ونظرتھ للحب والحياة وللمرأة التي يعاقر شفاھا المقدسة لا انكر ان شعر الزعيري یثیر الاسئلھ وحتى الانفعال رغم ثوریتھ وتناولھ لفكرة بجدیھ احیانا الا ان رقة وجزالة لفظھ تسھل على المتلقي استساغة الجمل الشعریة العنيفة لقد استخدم أسلوب السھل الممتنع في معظم قصائده بل دواوینھ وقدم للمشھد الثقافي العراقي

طرازا اصیلا من الشعر الغنائي بتفعيلات خفیفة وبالوان جمیلھ في أغلب ما كتب

الأحد، 2 أبريل 2023

حوار مع الشاعر عباس العبودي

 في حوار مع الشاعر النجفي عباس العبودي 

حاوره نجم الجابري حينما التقيته لاول مره حسبته منشد للتراتيل الدينية فرغم صغر سنه الا انه يبدو كيسا مقنعاً

حينما تحاوره وفوق. ذاك فهو شاعر شعبي مجيد وبمناسبة الاشهر التي تتميز فيها العباده شعبان ورمضان المبارك حاورته فكان هذا اللقاء



من هو( عباس العبودي ) ؟

هو عباس فاضل مهدي العبودي من مواليد اكتوبر 199‪6/10/1  في العراق في مدينة النجف الاشرف 

عضو في جمعية الأدباء الشعبيين في العراق شارك في العديد من المهرجانات والمسابقات في العراق وحصل على العديد من الجوائز والالقاب منها المركز الأول على مدينة النجف الاشرف في مسابقة رد الجميل عام 2020  كما حصل على لقب شاعر العراق الاول في مسابقة الأم السنوية التي تقام في مدينة الناصرية عام 201‪6 كما حصل على المركز الرابع على العراق في مسابقة لولا الحشد عام 201‪6 والعديد من المشاركات المحلية والقطرية،

حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم المالية والمصرفية جامعة الكوفة في كلية الادارة والاقتصاد

تأثر بالشاعر العراقي الكبير عريان السيد خلف

الاستضافات والبرامج التلفزيونية والاذاعية التي شارك فيها

برنامج (في ضيافة الامير) قناة الاهواز الفضائية و قناة الأمير الفضائية

برنامج (شعراء سيد الشهداء) قناة الموقف الفضائية

برنامج ( شمس بالليل)  على اذاعة الوفاء

برنامج (نسمعك و انسمعك) اذاعة الوفاء

برنامج (حيهم) اذاعة صوت المجاهدين

برنامج (مراسيل وقوافي) اذاعة الفرات

برنامج (منبر الحشد) قناة العهد الفضائية

برنامج (رد الجميل) قناة العراقية الفضائية

برنامج (مكاتيب) اذاعة العراقية

والعديد من المشاركات لا مجال لذكرها


س/ كيف كانت بدايتك في كتابة الشعر؟ 


ج/كانت بداياتي في كتابة الشعر في عام 2009 تقريبا حيث كانت بدايات خجولة تعتبر حيث كنت اعاني من موضوع الوزن ذلك دفعني الى الجوء احد الشعراء الذين سبقوني بالتجربة لكي يضعني على الطريق الصحيح ذلك ولّد لي حافزً بأن تكون لي بصمة في مجالي أعني كتابة الشعر والحمد لله قمت بصقل تلك الموهبة بالتعليم واصبحت احد رموز مدينة النجف في مجال الشعر الشعبي وحصلت على العديد من الالقاب والجوائز اخرها المركز الاول على مدينة النجف الاشرف في مسابقة رد الجميل ذلك جعلني احمل مسؤولية بأن اقدم خدمة لكل الشعراء الشباب حيث قمت بتقديم دروس تخص البحور الاوزان لكل المواهب المبتدئة

.......

س/ بمن تأثرت من الشعراء المعاصرين؟ 


ج/ تأثرت بكل القصائد الجميلة حيث تحفزني القصيدة الجميلة بأن اكتب اجمل منها لكن التأثير الكبير كان بالشاعر الراحل الكبير عريان السيد خلف كنت ولا زلت اراه قدوتي وعرابي في كتابة الشعر كان له تأثير كبير على حياتي ليس الشعر فحسب حيث بكيته 3 ايام على التوالي عند وفاته لما له من تأثير وحب كبير على قلبي

......

س/كيف تكتب القصيدة وهل تحتاج الى طقوس معينة اثناء ولادة النص؟


ج/ معاناة ولادة القصيدة كمعاناة المرأة عند الولادة،

قد يستغرب الكثير من هذا الوصف او التشبيه لكن طقوس ولادة النص عند الشاعر او الكاتب تكون صعبة حيث انه ينتزع شيء ما ثقيل في داخله ليرميه الى الخارج حيث اني عندما انتهي من كتابة القصيدة اشعر وكأن شيء ما اُزيل عن عاتقي واشعر انني اتنفس بشكل طبيعي وفي اغلب الاحيان تجدني لا احفظ ما اكتبه مجرد خروجه من صدري يكفيني اما المناخ المفضل لدي للكتابة هو المشي و السكون لذلك يكون الليل افضل صديق لأنه يوفر لي الهدوء بعيدا عن ضجيج الناس

.....

س/ ماهي مشاركاتك الوطنية؟ 


ج/ شاركتُ في العديد من المناسبات الوطنية منذ بداياتي حيث كانت قصائدي في البدايات ضد الارهاب الذي كنا نواجهه في العراق ثم بعدها فترة 201‪4 كانت لي وقفة لمساندة اخواتي في جبهات القتال والاجهزة الامنية والحشد الشعبي حيث شاركت في برنامج منبر الحشد على قناة العهد الفضائية و كذلك في مسابقة لولا الحشد لدعم الحشد الشعبي ومسابقة رد الجميل التي اقامتها هيئة الحشد الشعبي وشبكة الاعلام العراقي التي قام بتنظيمها الشاعر الراحل سمير صبيح وحصلت فيها على المركز الاول على مدينة النجف الاشرف ولكثرة مشاركاتي ودعمي للحشد الشعبي كانوا ينادوني في المنطقة التي اسكنها بشاعر الحشد وبعدها فترة الوقوف ضد الفساد فترة ثورة تشرين والعديد من المشاركات الوطنية لا مجال لذكرها

....

س/ ما هي الجوائز التي حصلت عليها؟ 


ج/ حصلت على العديد من الجوائز اهمها حصولي على المركز الاول في مسابقة رد الجميل عام 2020 كما ذكرتُ سابقا وكذلك حصولي على لقب شاعر العراق الاول في مسابقة الأم السنوية في مدينة الناصرية عام 2016‪

وكذلك حصولي على المركز الرابع على العراق في مسابقة لولا الحشد والعديد من الجوائز والمشاركات

....

س/اذكر لي نصا واحدا فاز بمهرجان او مسابقة وطنية؟


ج/ القصيدة التي تأهلت بها في مسابقة رد الجميل هي الاقرب لي كونها قصيدة للشهيد عن لسان حال والدته 


ليلية ازفك للسما اعتاب

واسأل سمارك يا وجه حاب

من طببوا تابوتك شچان

كومة وردلو طولك الطاب

و وجهك زعل مديور؟ لو موت؟ 

گطع الهوه ولا گطع الاحباب

يا كلمة اگول وليه تندار

يالما ترد خطوات نشاب

شما صيحك ايرد صوتي فشلان

مثل اليطب بعركة اصحاب

يا كلمة عالميتين تنگال

ويردهم النه حضن التراب

بيا دمعة اقشمر روحي وانساك

دمه اليفضحه الضم الصواب

ماله مكان انشده ويطيب

فگد اليموت اصواب هباب

ولا دعوة نفعت لا علگ فاد

من كل جرح خليتلي امراد

من اخر سمه لطيوفك انگاد

عميه المنية وفگدك الحاد

وجرحي اعله فگدك عين صياد

لا ينسد ولا هوُد وطاب

ومن گد حرگ گلبي من الفراگ

اليچهبني يشتم بيه عطاب

ولا هي گدها وتطلع الروح

ولا اني گدها واقنع تروح

شما اضم حنيني باقي مفضوح

ما ينخفي الجن اعله الذياب

بعيوني بين فگدك شعاف

ما ينلبس لفراگاك انگاب

للدنيا ابيض يجي النعّاب

بس فرگة اهلها السوته اغراب

..... 

س/ كيف تكتب القصيدة الدينية وما هو الفرق بينها وبين القصائد التي تكتب لغرض اخر؟ 


ج/ ما يميز القصيدة الدينية عن بقية القصائد التي تكتب لأغرض اخرى هو ان الشاعر يكون حذر جدا بأنتقاء المفردات والتعبير كونها قصائد تمس شخصيات دينية او مناسبات دينية او تكتب قصائد مشابه للدعاء للذات الالهية او كالتي تكون في مدح الانبياء مثلا  ففي تلك الحالة يجب على الشاعر ان يكون حذر جدا في انتقاء المفردات والمواضيع والتعبير المناسب لأنها لا تكتب لأشخاص عاديين بل لأشخاص وذوات لهم قدسيتهم ومكانتهم وتأثيرهم في الكثير من الناس هذا بأختصار جدا لان هذا الموضوع يحتاج لحديث طويل وتفصيل كثير لا مجال لتطرقه الان اتمنى ان تكون لي مساحة خاصة للتحدث بهذا الشأن لأنه من المواضيع الهامة بالنسبة لي

.....

الأحد، 24 يناير 2021

قراءة نقدية لرواية يوسف المن النساي

 

 قراءة نقدية في رواية النساي ليوسف المحسن

النسّاي : غرائبية يوميّات مرئيّة ومهمَلة بقالب سردي مغاير

نجم الجابري- العراق المثنى

اوّلا :

  عن دار سطور في بغداد صدرت للكاتب يوسف المحسن روايته الجديدة النسّاي ب 285 صفحة من النوع المتوسط

الاهداء :

      بعيدا عن قياسات الزمن ومقاساته جاء الاهداء فلسفيا مباغتا

اما لوحة الغلاف ففيها بالونات عديدة اللوحة مبتسمة لغد اخر فيما حلّقت الطيور بل استقرّت في رأس البطل.

ثانياً:

   مثل حصانٍ متحفـّز روّضني يوسف المحسن لهبوباته الحارقة من غفوة الضياع ،  بحثت عن ملاذي في روايته الشاسعة وتماسكت بلجام حروفه وجمالها فكان دليلي المجهول وطيري النهاري بديعاً مثل حكاية عشق رواية النسّاي كأفق مفتوح بحاجة لأذن صاغية وعين ثاقبة تُحصي ضجيج القرى التي تحوّلت الى مدينة ضائعة وتحصي الصحراء اللصيقة بكسل المدن والمرائي المهمّشة.

   ابطال طفيليون يعيشون التخمين والتخيّل والافكار على رمل الشواطئ ويردّدون اهازيج الساقية وينسلّون بغوصهم في عادتهم السرّيّة ، يتناسلون كعيون عابرة سبحت في البؤر القصيـّة ، تبدو بدوية الملامح رغم شفافيتها اللغويّة منسجمة مع تأوِّهات نون حاء وجنّـة ، متصالحة مع الفطرة الغامرة في وضح النهار.

    ابطالها الرئيسيون متخيَّـلون انساهم النسّاي انّهم ابطال فتوجسوا على حائط الموتى حائط الحرب والحصار الذي يلعبان دوراً هامّاً في كلّ حوارات جنّـة وظلمتها الحالكة ، رؤيتها لأشياء مثقوبة مثل لوحة تجريد ترسم تنقّـلات التخيّـلات لمربع الصورة القصي الحسي والمحسوس منها ، لا شيء غير رؤية لمدن الضوء من كوّة واحدة .

   اشتغال المحسن بالصحافة مكّنه من امتلاك ادوات القص وصَقَـلت موهبته الفنّـيّة كتابة السيناريوهات التي اشتغل فيها وحصل على جوائز مهمة .

   ققص النسّاي القصيرة المتداخلة اشبه بالخيالات و الاحلام وهي تتكلم عن اجيال عديدة وغرائبيّـه فريدة بأسلوبه المميز، كتب الرواية بلغة شعريـّة شفيفة ،إنَّ تلميحات المحسن عن النسّاي بين حائط الموت وتخيلات جنة وخيول نون حاء تجعلنا نخمّـن القرية التي تحدث فيها قصص المحسن ..هل هي مسقط رأسه شرقاً ام هي حكايات البحر التي ذكرها ماركيز في قصصه ربّـما هي قرية في مخيلة المحسن لكنّها بلا شك في عالم يؤمن بالتخيلات والاساطير رغم كل مرجعيات بطلها الثقافيّة لفلاسفة المان وغيرهم.

   تتشابك احداث الرواية بل قصصها القصيرة وتربك المتلقي في بداية حواراته المدورة والمفتوحة فنهاياتها بدايتهما والعكس صحيح.

  تستمر احداث الرواية بعذوبتها كلّما تقدّم المتلقّي في الرواية، فالحكاية جميلة حديث عن الاجساد البعثة والغرائبية التي امتلكها في حواراته ترسم ملامح واقع المدينة التي كانت قرية مليئة بالغرائب المحضة.

مزجت الرواية بين الواقع والخيال ، ولأنها في كل زمان وفي كل مكان فهي عالم متداخل من الكوابيس بقدر ماهي حالة فلسفية يقدمها المحسن لشخصيات ابطاله ونظرتهم للموت والحياة معا، ورغم اننا نتعامل مع حوارات اشبه بالسراب جيت ينقلنا المؤلف من مشهد الى اخر معاكس بعيد عن الواقع في منتصف الرواية تضيع البوصلة ولا يمكنك ان تميز هذا الدمج بين الواقع والخيال في اللامكان واللازمان .

   احداث مكثـّـفة من زوايا مختلفة حوارات ابطاله المشاكسون غير المنتهية بحيث تدرك انك امام شيء عجيب فيه تفاصيل مخفيّة ظاهرة لا يدلُّ على باطنه ، في رقعة جغرافية واحدة تدور الاحداث لكنّ المؤلّف يحلّـق بفكر المتلقي بعيداً عن عصره ومكانه ويقدم المؤلف سنوات عديدة من الحرب والاسر والموت المجان في مشاهد تعلق في ذهن القارئ.

   إنَّ تفاصيل كل ابطال الرواية تعتمد على دقّة التعبير الذي رسمه لهم المحسن والحيز الذي يتفاعلون فيه لكنه قـدّم فكرة الانساني ونظرته الفلسفية على لسان بطلته جنة و نون حاء .

   يعتمد البناء السردي للرواية على الملاذ وعلى استنطاق الابطال من حيوانات واعشاب وبشر ، حقائق صادمة  وردت في البناء السردي وتغيير مفاجئ في التقديم بواقعية ، رواية تّعَدُّ من ادب الواقعية السحرية كما يسميها النقّـاد الغربيّون ، لقد اخفى المؤلّـف انفعالاته واخطاره وقدّمها برؤية خياليّة عجائبيّـة شرح فيها ظروف القرية التي هي بلدة بعد الحرب.

    لقد اذهلني المحسن وهو يقدّم للمتلقّي اشياء واقعية مما يزيد من جماليّة السرد ويشغل ويقرِّب عقل المتلقّـي للاستمرار في هذا النمو ، يمكنني ان اقول ان رواية النسّاي من اعمال الفنتازيا المُحبّـبة .

    شخصيات ابطال الرواية تّـتسم بالانعزاليّـة والاغتراب ويمارسون اعمالا غريبة مثل الوقوف على حائط الموتى.

   تزدحم الرواية بتفاصيل غريبة مثل ابطال لعبوا دورا في الرواية.

ابطال القصة وبيئتهم:

    لم يلتزم بوقت محدد ومنتظم لتسلسل الاحداث في روايته بل جعل حركة الاحداث تتكرر لكتابة لسرد بإسلوب الحوار المدوّر داخل حلقة يجمع بين الاضداد في الزمكان رغم ان الروائي نفسه مثل زمنا يتحدّث عن النـسّاي الذي هو ظرف ايضا حصل للقرية .

   كما نجح الكاتب في رسم ملامح المدينة التي كانت قرية وجمع فيها كل التضاريس والجغرافية وتمكن من دمج الامكنة في بوتقة تفاعل ابطاله بحيث يظهر للمتلقي ان الاماكن الخيالية في الواقع هي حقيقة مسترة في رؤية الكاتب والمتلقي معا.

السرد:

  استخدم الكاتب اسلوب السرد المباشر في معظم اجزاء الرواية لكنّه لم يترك ابطاله في حواراتهم القصيرة مما يعني انه مسك لجام الحوار منذ البداية.

   تعد الرواية من روايات اللازمكانيّة رغم انّها تجمع بين الرواية الكلاسيكيّـة وكتب التوثيق، فالكاتب اراد ان يوثـّق ويفسّر التاريخ لقريته او بلده ولو تلميحاً او يتعدّى الى كل منطقة في العالم عاشت ظروف مماثلة .

    اعتمد الكاتب في تداخله السردي على لغة ناضجة ناهضه مدركا خطورة ان ينقل المتلقي من الخيال الى خيال اخر واقعي وبذكاء اقحم مرجعيته وثقافته الحاضرة في السرد.

الراوي العليم جدار الموتى نهايات متداولة وهروبات متكررة:

   ولعل الراوي العليم الذي هو السارد هو من يستنطق الحيوانات والمخلوقات الاحياء والاموات ، ذلك يعني ان المبدع اراد ان يكوّن بانوراما عن طبيعة المخلوقات وفطرتها ، النسّاي الوباء لم يقضي على فطرتها بل استنطقها ، امّا السلوكيـّات فهي مـنْ تتغير في رؤية فلسفيـّة لدستوبيا  المدينة التي كانت قرية ، ولعل النسّاي هو انسلاخ عن تقاليد والذهاب نحو التقليد.

ارهاصات ثمة شيء ما يوقظ السكون المتدني :

 

     توصيفات غربية لموجودات شرقية كعصا الاوكسترا وقطة السافانا وكلبته الرودفايلر

ملاحظة:

في الثلث الاخير من الرواية لم يعد للنسّاي موضع واستمر السارد بنقل الحكايات الوليدة واستنطق كل ما تبقّى من مخلوقاته ، فيما قدمت الرواية حكايات من المنزوي والمسكوت عنه بلباس اسطوري وسكلوبيديا استندت الى رسم سلوك الكائنات الحيّة والنباتات لبناء سقف البناء السردي .

الخاتمة:

 النساي قصّة عشق وولادات متفردة و (دستوبيا) . الاعتزال او الانعزال والاغتراب ..اغتراب موضوعي بل مادي وروحي ، مغامرات واستكشافات واستنطاق متبادل.. نص يحتاج النخب او النخب بحاجة اليه كونه يعاكس تنبؤات المتلقّي فلا زمان ولا مكان ، حوارات بين الملموس والمستشعر بين الحياة والموت.. رحلة النسّاي استغرقت اسبوعاً بوعي لاكتشف مواضع اللذّة في طياته . رغم غرائبها وانسلاخاتها المختلفة بين الحلم والكابوس رسمت حدود الرواية، اما ابطالها الثانويون فكانوا يجارون الابطال الرئيسين ..

  رواية النسّاي تحصد الف عام من العذاب وترسم بخطوط واضحة صوراً عديدة عند كل قارئ. عمل ضخم ونصٌّ يستحقُّ المطاردة ..... لقد قدّم المحسن عملاً هائلاً لا يمكن ان تسبر اغواره المزاجات بل الناقد الحصيف.

 

الجمعة، 11 ديسمبر 2015

قراءة في كتاب.. الصحافة وأثرها في تشكيل اتجاهات الرأي العام (النموذج العراقي في المشروع الامريكي )

قراءة في كتاب..
الصحافة وأثرها في تشكيل اتجاهات الرأي العام
(النموذج العراقي في المشروع الامريكي )
للكاتب عدنان سمير دهيرب
نجم الجابري
عن المؤسسة الحديثة للكتاب في لبنان صدر للكاتب عدنان سمير دهيرب منجزه الجديد (الصحافة وأثرها في تشكيل اتجاهات الرأي العام النموذج العراقي في المشروع الامريكي) الواقع بـ 325 صفحة من القطع الكبير وأشتمل الكتاب على أربعة فصول ومباحث عديدة تناول الباحث فيها موضوعا هاما في مرحلة من اهم المراحل التي يمر بها العراق، فقد سلط الضوء على مجمل المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية  وانعكاسها على الوضع الاعلامي والصحفي خصوصاً وعالج الكيفية المطلوب ان يتعامل بها العاملون في هذا الميدان والتي ينبغي التعامل بمعطياتها الميدانية ضمن واقع جديد يشهده البلد لأكثر من عقد من الزمان اذا ما اعتبرنا ان الاعلام يعد هو الوجه الاخر لشكل النظام السياسي او بمعنى ادق مرآة للنظام السياسي السائد سلبا وايجابا.
الموضوع من الاهمية بمكان نظراً لحرفيته واللغة التي كتب بها بأكاديمية عالية ولغة رصينة وتضيف هذه الدراسة او البحث الى الصحافة العراقية منذ نشوئها في العام 1869 الى العديد من الدراسات التي تناولت هذا المجال المهم في الحياة السياسية والاعلامية في البلاد منجزا مهما.
ولا يخفى على المتلقي كل التداعيات التي سببتها الاختلافات الأيدولوجية للحكم في العراق منذ تأسيس الدولة عام 1920 ،على الاعلام بصورة مباشرة وعلى الانسان،سيما وإن الاعلام كان في مرحلة ما الوسيلة الاقوى للتأثير في قناعة الانسان وقبوله او رفضه.
لقد كانت الصحف العراقية الادبية والفكرية جديرة بالدراسة لعمق الرسالة التي حملتها منذ تأسيسها ونهضت الصحف العراقية او بعضها برسالة مميزة تميزت بمهنية وأخلاقية عالية وكانت اداة للتعبير عن الرأي.. واذكر ان المؤلف اسس جريدة بعد الاحتلال الامريكي مباشرة وكان لي الشرف ان اكون من العاملين فيها انتهجت بإدارته اسلوباً مضاداً للاحتلال ومعارضته والاشارة على انه احتلال وليس فتح كما كان يحلو لصحف عديدة ان تعده منجزا للشعب العراقي ........(جريدة ساوة).
ان الباحث المنصف وحتى المتلقي يمكنه ان يتلمس الوسائل المهمة التي يستطيع بها ان يقيّم اداء الصحافة والصحفيين ومدى معرفة كفاءتهم وقدرتهم على إحداث التغيير وبناء الانسان بما يتناسب مع التطورات المتسارعة والتغيرات الدراماتيكية في بنية المجتمع العراقي والتي كانت اشبه بالزلازل والفوضى العارمة، ومن حسن الصدف او التدبير كانت حرية الصحافة اول انجاز تحقق بعد سقوط النظام الشمولي واختلاق الصحف العراقية بالأكاذيب وتمرير الاحلام يعد افضل اضافة الى تحليلات دقيقة للمرحلة التي تبعت الاحتلال وكانت هناك وسائل اعلامية كثيرة اخذت جانب الجدية والموضوعية والتجرد في التعاطي مع الاحداث السياسية والانحراف الذي حصل في بنية المجتمع نحو المجهول والفوضى كما خططت له قوات الاحتلال الغاشم .
ان هذا الكتاب هو حصيلة جهد كبير بذله الكاتب وتناول فيه دراسة التجربة الديمقراطية في العراق والتحول من نظام استبدادي الى نظام تعددي وثبتت انعكاساته على بنية المجتمع العراقي وصناعة الانسان الجديد من خلال وسائل الاعلام ومنها الصحافة .
في هذا المجال احب ان اشيرالى ان الانسان العراقي تعرض لصدمة هائلة ومرعبة ضربت اصول المجتمع العراقي وقفزت بأشخاص ليس لديهم تاريخ في السياسة او ادارة الدولة الى مقدمة السلطة، وكانت الطامة الكبرى ان الرجل المناسب ليس في المكان المناسب، وما تسبب في ذلك من اثر على عموم المجتمع وتسبب في تفشي الفساد والمحسوبية وانهيار البنية الاخلاقية..ولاننكر ان الحصار والحرب التي خاضها النظام السابق اثرت سلبا على واقع وسلوك الانسان والفقر الذي سببته الا ان الفرصة في اخذ قسط اكبر من الحرية يمكن ان يرقى الى مستوى الفوضى، بحيث صار من المستحيل السيطرة على زمام الامور،وعمل المؤسسات ومنها المؤسسات الاعلامية التي كان ينظر اليها على تصويب المسيرة وتقييم الاداء وقد عجزت الحكومة عن دعم الاعلام المستقل او تعمدت في عدم دعمه رغم ان حرية التعبير التي شرعت قوانين كثيرة لها لم ترق لمستوى الوصول الى المعلومة وعدم ملاحقة العاملين في الاعلام لأي سبب كان !!
الكتاب يعد من سياقات الدراسات ( الوسيلة والجمهور في انٍ واحد) فهو يتصدى لدراسة الصحافة العراقية في حقبة من تاريخ العراق السياسي قبل وبعد سقوط النظام ...وكان من مخرجات الاحتلال الامريكي بعد انهيار المؤسسات الاعلامية للنظام السابق هو صدور موجة كبير من الاصدارات كمجال للتنفيس وتفريغ الاحتقان والضغط الذي طال العراقيين سنين عديدة ,وكانت الصحف منها المستقلة ومنها الحزبية، ومنها المدعوم امريكيا قبل ان يدخل الاعلام منعطفاً خطيراً وهو التفرع للمذهبية والايدولوجية والقومية والفئوية .
لقد كانت وسائل الاعلام الحزبية المدعومة بقوة ذات الانتشار الواسع تؤثر في المتلقي البسيط وكانت برامجها ومنشوراتها على اختلاف انواعها المسموع والمقروء وسيلة ضاغطة على المواطن وزيادة حيرته. ولهذا كله يناقش الكاتب في فصول كتابه حياة الصحافة بحكم تحول المجتمع وتداعيات مرحلته واعادة بناءه ان لم تك اعادة هيكلة مجتمع بأكمله.
خرج الكاتب بنتائج عملية جديدة ومميزة استندت الى منهج علمي سليم في تعاطيه مع المعلومات النظرية او بناء استمارة الاستبيان و استعمال الوسائل الاحصائية في تحليل ومعالجة البيانات وتقسيمها وتبويبها ومن ثم الاستنتاج العلمي لبناء مثل هذه النتائج .
لقد كان الكتاب فسحة واسعة للاطلاع على النموذج العراقي في المشروع الامريكي حيث ان الاسلوب الرصين المتبع في اللغة ودقة وصف المعلومات والذي يدلل على فهم وثقافة الكاتب وامتلاكه التعبير عن الظواهر الاعلامية والسياسية التي يشهدها التاريخ المعاصر للعراق سيما مرحلة الاحتلال اظهر امكانيته بالخروج بنتائج مثمرة وليس محض بحثٍ ورقي .
مواد الكتاب تبدأ بسورة الحجرات اية (13) والاهداء كان مختصرا وشمل كل عائلة الكاتب وقدمه الدكتور عبد السلام احمد السامر عميد كلية الاعلام( سابقا ) جامعة بغداد للكتاب وشرح قيمة المنجز واهميته الاعلامية والتاريخية للمختصين واشاد ببراعة الباحث وإمكانيته الاكاديمية واوجز الكتاب بانه وثق المرحلة الاخطر في تاريخ العراق ص9-ص13 .
مقدمة الكتاب ص15
اشار المؤلف الى التغيرات الجمة التي شهدها العراق بعد 9\4\2003 وصدور مئات الصحف مبيناً معاناة ومكابدات الصحافة من عدم الحصول على حريتها الكاملة دون مقص الرقيب موضحا ان ذلك ترافق مع غزو عسكري واحتلال وفق المفهوم المتعارف والادهى ان الاحتلال دمر مؤسسات الدولة وغير مفاهيم مجتمعها، وهنا اشير ان الباحث تناول افرازات الاحتلال الامريكي على البنية الاجتماعية ومخرجات هذا الاحتلال (وكان الاحتلال لن ينتهي وسوف يدفع الشعب ثمنا باهظا له ).
لقد وضع المؤلف امام المتلقي وجهة نظره العلمية بما جرى من تداعيات بعد العام 2003 وتأثيرها على مجمل المجتمع سيما العمل الصحفي الذي لم يكن بالمستوى الذي يجري تغييرا جوهريا على بنية المجتمع كما اظن !
الفصل الاول ص19
ناقش المتغيرات في المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للعراق من خلال ثلاث مباحث تناول فيها الكاتب ديناميكيات  التحول من الاستبداد نحو الديمقراطية والاقتصاد الاحادي و استنزافه محليا وعالميا اضافة الى مناقشة التنوع الاجتماعي والثقافي والازمة المذهبية.
في مدخل الفصل الاول يستعرض الكاتب الخطط المخابراتية الامريكية والبريطانية لاحتلال العراق بدء من 31 تشرين الاول 1998 ( وهنا الاحظ ان الكاتب اغفل او تجاهل ان نظام صدام كان نظاما يشن الحروب بالنيابة بدءاً من حرب العراق وايران اضافة لحربه على الكويت واحتلالها وضمها اليه ثم سرعان ما تراجع وانسحب من المعركة بعد تدمير مؤسسته العسكرية ولولا التدخلات الخليجية ولأسباب طائفية كما يبدو  لكان إسقاط النظام حتميا، لان البديل كان (شيعة العراق) الذين قادوا الانتفاضة الشعبانية في العام 1991 بعد هزيمة الجيش العراقي امام قوات التحالف وما نتج عنها من موافقة صدام على تدمير اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها وتسليم اراضي عراقية للكويت والتوقيع على الاستسلام في ورقة سفوان الشهيرة بخيمة سفوان).!!!
 ص25و26تحدث الكاتب عن المقدمات المطلوبة لمشروع الشرق الاوسط الكبير وقرارات سلطة الاحتلال الامريكية التي وقعها بريمر في ايار 2003،بالأمر رقم واحد عن سلطة الائتلاف الموحد .(هذا الموضوع ظل محل اعتراض وتأييد بين مؤيد لحل البعث وحل الكيانات الاخرى لان الكاتب يتبنى فكرة ان حل هذه الكيانات اعادة ترسيم الحدود الطائفية العراقية ذاتياً) ص27 يتحدث عن فلسفة الأمريكان لاستقطاب القاعدة من خلال مشروع مصيدة الفئران!!
في ديناميات التحول من الاستبداد نحو الديمقراطية ص29
يمر الكاتب على مراحل انشاء السلطة بتعيين مجلس الحكم في تموز 2003 وتشكيله وفق اسس طائفية وعرقية للمرة الاولى في العراق دورا بالدستور الجديد و تداعيات كتابته والحكومة المنتخبة الاولى..الحوارات بين الافرقاء وسيطرت الاحزاب الاسلامية وانشطار الاحزاب ص50 حتى الانسحاب الامريكي في 15 كانون الاول 2011 ومغادرة الجنود المحتلين ,
ويناقش الكاتب الاقتصاد الاحادي الاستنزاف  المحلي والعالمي كما يسلط الباحث الاضواء على التنوع الاجتماعي والثقافي وازمة المذهبية في العراق بعد عام2003 ويعرج الكاتب على البيئة وتشكيل الشخصية لان الانسان نتاج بيئته والمتغيرات السياسية واثره على البيئة  ص85 كما يبين الازمة المجتمعية والتخندق الطائفي الذي تمحور بعد عام 2003.
في الفصل الثاني يتحدث عن البيئة الصحفية في العراق من خلال مبحثين اولهما الصحافة العراقية قبل وبعد الاحتلال الامريكي (تطور تاريخي)فيما كان المبحث الثاني عن التشريعات الاعلامية في العراق. وفي ص99 يتحدث عن تاريخ الصحافة منذ العهد العثماني ( الاحتلال العثماني والاحتلال البريطاني وصحافة الحكم الملكي وصحافة العهد الجمهوري وصحافة الخطاب الاوحد من عام 1968-2003 من صحافة العراق في عهد الاحتلال الامريكي ويستمر الباحث في تصنيف الصحف العراقية بعد عام 2003 بين حزبية وحكومية- وليبرالية وعرقية وقومية –ورياضية.
ويناقش الباحث التشريعات الاعلامية في العراق بعد عام 2003 واما دور الصحافة في تشكيل الراي العام،حيث يتناول المبحث الاول الراي العام ومفاهيمه من خلال تعاريف الراي العام وانواعها وتعريف الراي العام والعوامل المؤثرة فيه وخصائصه.
وفي المبحث الثاني الصحافة العراقية وعلاقتها بالرأي العام ص171.
هذا الفصل فيه يبذل الباحث جهدا كبيرا للحديث عن قضية الراي العام وانواعه واهميته والعوامل التي تؤثر على تغيره وتقويته ويستحضر في المراحل التاريخية التي يمر بها الراي وتجربة الدول المتقدمة الاخرى في حقل الاعلام إزاء شعوبها ونخبها الصحفية والاعلامية في تصويب الراي العام وتشكيل الراي العام من اجل التغير الايجابي في المجتمعات، ويبحث الكاتب الراي وانواع وتقسيمات الراي حسب النطاق الجغرافي وعنصر الزمن والآراء الكامنة والباطنة للفرد..كما يوضح قوة الراي العام وتأثيره والعوامل المؤثرة في تكوينه ص209 ،كما يتحدث المؤلف عن الصحافة العراقية وعلاقتها بالراي العام وبواكير الوعي السياسي ايام ثورة العشرين وظهور صحافة المعارضة كما  ان هنالك راي عام ايام الاحتلال العثماني المقيت في ص217 .
ويتحدث الكاتب عن خصائص الراي العام العراقي ويشير الى ان خصائص الراي العام العراقي فرضت ادواراً اخرى على الصحافة والمثقفين في العراق وهذه الخصائص تتعلق بقدر كبير بالواقع الذي يعيشه الشعب العراقي والتنوع العرقي والديني والمذهبي وهذا التعدد يعد وجه الاختلاف والانقسام ص217.
كما يتناول علاقة الاحزاب في تكوين وبلورة الراي العام في المجتمع والوسائل المتبعة في جذب المثقفين والتمكن من آرائهم.
في الفصل الرابع يتحدث الكاتب عن الصحافة العراقية واثرها في تشكيل اتجاهات الراي العام ميدانيا ،من خلال مباحث اهمها اختيار اداة الدراسة والتحليل الاحصائي لفقرات الدراسة لاهم نتائج الاستمارة الموزعة حيث يبدا بمداخل تعريفية عن عينة الدراسة الخاصة بالراي العام العراقي ص235.ومن خلال خطوات بناء اداة الدراسة –صياغة فقراتها –الصورة الاولية ثم يتحدث عن صدق اداة الدراسة واثباتها وعرض النتائج على المحكمين ص225.
ثم يتحدث عن التحليل الاحصائي لفقرات الدراسة لاهم نتائج الاستمارة الموزعة من خلال تحليل الخصائص الديموغرافية – توزيع افراد عينة الدراسة وفقا لمتغير العمر ، ويمر الكاتب على مستوى مطالعة الصحف في المجتمع العراقي وفي فترات مختلفة ونوع الصحف التي يدمن قراءتها والاسباب التي تدعوا القراء لذلك!!ص269
واستخلص الكاتب النسبة المحتملة وترتيب القضايا في اهتمام الجمهور القارئ والاحداث التي حدثت في البلاد منذ العام 2003 وعدد الصحف الرئيسية واهميتها من خلال استبيان واضح لقراءة الصحف,ص297.
يسدي الكاتب نصائح قيمة للصحافة والصحفيين بل والعاملين في قطاع الاعلام بدءاً من متابعة الاحداث واجراء البحوث والدراسات قدر تعلقها بالجمهور والاستفادة منها والارتقاء بالعمل المهني لكسب المهارة من خلال الدورات، والتأكيد على اهمية نمو الوعي حيث لم يعد الفرد مجرد متلق للمعلومات، وانما اصبح فاعلا وذلك يضيف صبغة ايجابية عليه فمن خلال الاستخدامات والاشباعات التي جاءت كرد على قوة وسائل الاعلام رفعت صفة السلبية عند الجمهور في اختيار وسائل الاتصال الجماهيري، كما جاء فيها ان تنوع القراء واختيار الصحف على الرغم من عددها الكبير يكشف عن الرغبة لدى الجمهور في الاطلاع وزيادة الوعي وان الجمهور يسعى  لتلبية حاجاته والافادة من الصحف ايجابيا وينبغي على الصحفيين ان ينظروا اليه على انه جمهور فعال وواعي في انتقائه للصحف وقراءاته لها ,
كما تضمنت توصيات الدراسة اوفي البحث عن الاثر السيء والسلبي في المجتمع من خلال الاكاذيب التي بثت من خلال نشر مواضيع صحفية غير دقيقة ودخول غير مختصين في هذا العمل مما يتسبب في اخطاء جوهرية في الاداء الصحفي، كما ان الدعاية وقوة المال تلعب دوراً اساسياً في سطوة الصحف المدعومة حزبيا مما يجعل ما ننشره ذا تأثير اقوى وشيوعا اكثر.
وختاماً فقد كانت المصادر والمراجع التي استخدمت في البحث تتجاوز 300 مصدرا من عربية واجنبية تعنى بالبحث من حيث الرصانة وقوة المعلومة ومصداقيتها..

لا ادعي كمال البحث، لكنه قدم للصحافة العراقية منهاجا علميا رصينا يمكن الاعتماد عليه والعود اليه لمن ينجح في مهنة المصاعب وقد وظف المؤلف كل الامكانيات وتمكنه من ملاقحة افكاره وقيمه بالمفاهيم العلمية والاعلامية سيما وان تجربته الثرة في الاعلام قد منحته ادوات النجاح في بحثه الموسوم، فهو من الرواد ومن اساتذتنا جميعا سواء في المحافظة او في الجنوب كله.                                                        

الأحد، 19 يوليو 2015

قراءه نقديه لمجموعة باقر صاحب الشعرية ترنيمة سوداء

باقر صاحب بترنيمته السوداء يعيد اكتشاف ذاته بجدلية فلا منتصر على الارض
اخضعنا لتنويم مغناطيس عشرون عاما ضوئيا!!

نجم الجابري
المدخل الخلاصة:
بين البدايات الاولى والنهاية الواحدة كف يمتد يرسم ويعزف ترنيمة اولى تأتي شعرا وتكون احيانا صفعة اللمسة لخلق يوم ثامن تحت السماء الثامنة، تصطاد اللحظات في شوارع ذابله ترنيمة بلون رماد الارض وزمن القرية تصطاد زمن كثور هائج حتى مفرق الخمسين !!
تتوالى المراثي للطوائف وللزواحف ولحبيب يأتي في زمن الوجع المجان بلغة لا تصلها بلاغة كل اللغات تلبس قصائده تيجان ، وجع دائم وربما خيباته المتقطعة لا شيء ينبض كالأنهار غير اسلاك خليعة البلاغة تتقمص ان تكون اولاتكون مراحل صيرورتها خلف كلماتها ومن قبل الحياه يجربها شخص اخر امام الكلمات حروف متكافئة كأقفال مؤصده،قصيد لا يلتفت يتقدم في كل اتجاه يرسم أجراس الحرب ومقاصله ويجرب كل البدايات كغناء في مسلخ
( عشرون ) محطة من نار وثلج تستوطن الحروف سيرة اخرى لبلد لا يستريح لشاعر لا يمكن الا ان يكون بليغا لا يبالغ يتقمص كل الخطوات السابحة في شواطئ دجله يبحث عن احلام ارق من هدير الينابيع
لا شيء يغادر الحقيقة فالحروف التي تتعرى في مكامن النكوص لا تستطيع ان تذوب اوتعطي عسلا، لوحات يرسمها الشعر بل شعر ونثر وحروف من كل لغات الدنيا !!
كيف لشاعر ان يزجر طفولة ايامه ويتسول في ابواب شيخوخته المتغيرة ؟ بلى فالأيام كالروح التي لاتدع البؤس يتوسدها،نهارات داميه تكتب لغة ألم مر لعقد من تاريخ وطن..
هل الجديد دائما يحترق ؟ هذا ما قالته حروف الديوان وهي تتماسك في وهج اللحظات الهاربة من قيود غبار الدهر
ماذا تفعل حينما يصيب مرماك الموت بكل مراحله وطعناته وحتى مقدماته اتشرب ينابيع الضوء الشفيف ام تلوك بقايا احلامك مطاحن الحضور ام تنتظر ولادة زمن اخر يرسمه التلفاز ؟ !!!
العالم يتعرى يخلع كابوسه تسقط اقنعته المتسلقة بسيقان الموت وتعبد اصنام اخرى وبقايا رماد لأحلام هالكه ، الظمأ الناهض لا يكترث كثيرا بالبرق وارجوحة السحاب مازالت الاسماء لا تغير من الحديث عن اعتراف غائم !!!
ضجر التراب والدم انسكاب نافورة ضوء تعكس رائحة الدم وتكفر بسر اللون الاحمر تعزف اوتار الاحلام المثقوبة الغارقة في مياسم الجحيم
لا شيء يغادر الفضاء والوحشة  تتوسط بين الموت وبين الحب، العالم يحرك شياطينه والملائكة لا تثور ضحكا، سوى من ينحني رأسه عندما تتمكنه  المخابئ ويكتب ورقة الظلام، زهور الشعر لا تعرف الحداد لكنها ادمن لباس غيوم ندمها رغم هشاشة الضوء والالق الشاحب حينما يرقد في مكامن النسيان
 وفي الحكايات حينما تهرم ترسانة الالم دائما ترعف عتمة الشعر وتولد نصوص تعيد رسم الحياة لا تولد لصوص يقتلون الحياة ليس هنالك لحظة ترسم العدم فحينما توسوس الاحتمالات لهاوية اخرى هناك اصغاء وضجيج يموسق بقايا الخطى حينما يضيع اثر اكسير الحياة، اللحظات المفخخة بالاحتمالات لا تحصى مثل لهاث الشظايا خلف الاشلاء لا يحصيها مقياس،  فحينما تموت الاحلام بداء الشخير يشب الندم حريق ،
من يشرب من؟!  فكل منحى ازدهار او انكسار ترتديه نساء المدن المتوهمات باصطياد الربيع الكاذب.
يمتد كذراع الحكمة في رحلة التيه الى اوجاع موحشة فالموت يتضور بين احضان الحياة وتمضي ايامه غفله غفلة وتسقط جدارات !
الصيحات الكبرى حينما ينتظر الجميع من معركة حاسمة ان نموت جميعا بمخالب حبنا للوهم وللشيطان
 لات حين مناص ولات ساعة احتشام فعدوك يتعرى يكشف اخر سوأته ويغرس اشجار الكوابيس في جمجمته لا امل يرجى والادمغة صارت صفيح !
لا منتصر في الارض او عليها فهزيمتنا غرست مفاتيح الرؤيا على جنبات توجسنا القديم(تحت رائحة الموت)
 الان ستبقى عيوني ترسم طوفانك وهديرك المرير فامرأة القرية حشد من الاسرار بل حشد من الاحرار ستدفن الاف اللعب حينما ينبت الرعب فجسد الشعر فضفاض لا يرضى الالتباس كثوب الاحرام لا ثوب الحرمة يموت ويحي في اشتهاء!!
 اغمض عينيك ستدرك ان في الخمسين كيف تتهاوى كل قناطري وقناطيري وتعود الاحلام الكاذبة من ان الانهار والنهارات عادت تسبح في بحيرة ضوء!!
تدنو ساعات رحيلي قرنا قرنا تحصى اخطائي ايمكنني احصاء الاخطاء ستتوب الاخطاء فمتون التاريخ مليئة فآلاف الحمقى ستتوب فأقواس الليل مطمئنة أليس النهار مازال رماديا وبأسم الله تمتد الجذوات تحت رماد الخوف من فوق  ارصفة العشق والوجدان تكتب قصص حب نازفه تمتد من الق الشمس حتى حصاد الافق يوم يرتجى ؟
 امطار الذكرى حمراء تخلع فوهة الوجل ربيع يرمى اخلع ربيعك فبستان الدم يورق حفيفا، الموت بالذبح جنون اعمى جاءت فيه فتاوى التكفير الكبرى؟ لن ارضى ان تتساقط احلامي وتهبطني في الطرقات فرذاذ البرد كفيل بغسل سر وجودي
كيف لوجود ان يفسده رذاذ احمر؟!
تضاريس تذبل حينما تقفز الاف الفراشات لضوء اسود
اين بقايا الحب
وبقايا الخيل
فخريف الاخطاء مقيم
يتقمص
 اغراءات وامضاءات الليل
وتاج الخيبة شيخ جائر
سيتوج
في مربع فناره الضيف
لكن من يرشق العاصفة
حينما تظن ان خطواتك رحيق وقدماك افكار سحابه ستجزم حتما بأن انثيالاتك لوعة بكر
في محطات الوجع
لا أحد يبحث عن ميت
لامرأة عاقر
فالموتى صاروا شهودا
حينما ماتوا كالنخلة
الموت انهمار
كيف لنافذتي ان تولد
وباب الرعب
يسير الف جمجمة تحدق
الكل قتيل
ياسماء امطري عيونا
كي تلد السماء
(الوعد المنتظر)
ذراعي يزداد صراخا
فالعتمة توقظ كلماتي
اتحدى نفسي وانا نصف عار
اتلوى
كالحافات المدببة
حينما لا تستوطن اختلاف الأمكنة
سيكون شروعي نوم عميق وجع عقيم او حلم اعمق
وتلك ترنيمه سوداء
@@@@@@@@@@@@
ترنيمة سوداء
بعد جياد لن تصل وطيور يوميه صدر منجز الشاعر باقر صاحب  ترنيمة سوداء عن الدار العربية للعلوم بيروت عشرون نصا لم يؤرخ الشاعر تاريخ ولادتها متعمدا رغم انه اشار الى انها كتبت للفترة من عام 2000-2012 وهي دلالة واضحه على توثيق الشاعر لتداعيات تلك المرحلة والتي بدأت بعد عام 1990 واستمرت حتى خروج قوات الاحتلال الامريكي
اذا ما سلمنا بأن الترنيمة شعر وموسيقى تعبر عن عقائد الارواح الحزينة ولان الترنيمة مؤلمه  فقد جاءت قصائد المجموعة بين موسيقى وحزن وشعر وفلسفة وتجريد وامعانا في هذا المعنى ولدت مجموعة ترنيمة سوداء
الاهداء وحده اعاد اكتشاف اوجاعه وانسانيته المعذبة واحلامه ص7 يقول
اخلع بلاغتي
اتقمص قدميك
اسبح معك في نهر الميدان
.......
تشنق زرقتها
صور أباء واجمين
أباء العسل الاجوف
وهو جزء من قصيدة خليع البلاغة ص42
في البداية يجب ان نعترف ان الشاعر استخدم وابتكر طريقة حديثه في بناء قصائده وان كانت تبدو للوهلة  انها متشابهة السياق: فقد وصل الى نفس المتلقي وروحه رغم انه استخدم دلالة (كل)
ص13 كل ظهيرة احلم  بثالثه لكن مسميات الليل والنهار وفي ص 29 مداعبتك الى السرير كل يوم ص42
الشاعر او مازج
لقد مزج  بين الرؤية الواقعية والرؤيا الفلسفية في نصوص مجمل المجموعة بل اجزم ان الارهاصات التي عاشها الشاعر امتدت لعقد من الزمن رسم فيها نموذج بارع وجليلا لتطور التاريخي للنص الشعري ولقد اظهر في ترنيمته شيء من التمرد واتوهم ان معظم النصوص كتبت انعكاسا لعواطف متعددة لعل عاطفة التدمير او جنون التدمير اقرب الى الدادا ئيه الغير واقعية سيما وانه وظف ثيمة أن يكون الشعر اسئلة وان لم تأت بأدوات واذا قلنا ان الشعر هو صنع السؤال والتحريض عليه لتمكين حالات الاندهاش ازاء مكنونات هذا العالم ومنها الموت فسؤال الوجود كما السؤال في العدم او كما يرى البعض ان البحث عن الحقيقة مزاحمة للأشياء ومكامنها بمعنى ان الشاعر حرر عن البحث عن الجواب وان استبطن .
لقد ساهمت الترنيمة السوداء في انشاء الجمال المحلي للروح العراقية رغم ان ما جاء من النصوص كان انعطافا فكري وسياسيا شديدا وبالنتيجة كان انعطاف شعريا
ان الشاعر في مأساته وارهاصاته الوجدانية حاضرا في روح النص فهو جزء من شعره واثبت ان مجد الشعر لا انقضاء له وان ماقيل من ان قصيدة النثر بعد الحداثة والبنيوية انتحار للإبداع وتوريط المتلقي بنهايات مقترحة ومفتوحة لأسئلة متكررة  ليس الا محض افتقار...
 لقد تمكن باقر صاحب من زيادة اختراعاته في مختبره الشعري ومنجزه الفردي
اذا كان هناك من يظن ان الشاعر طرح مجموعة من الاسئلة في نصوصه فاني اجزم انه طرح توقيعا واحدا على كل جدلية تضمنته قصائده قد وثق مسيرة الانسان وتسامى الى ما وراء وعاش لحظه بالحظة  راسما مبدعا ما يعانيه الانسان  في لحظات ضعفه وقوته او في قوته الضعيفه0
انتقل الشاعر بأبداعه من امكنة الحلم الى امكنة الحقيقة لم تغادر الوانه التعبيرية المشرقة وخاطب بجزالة الانسان والوطن واتى بأسئلة فلسفية محرضة ومنبهه واكد في نفي بعض الاشياء الموت الشمس ، الحلم:الفجر: الالم: اللحظة : الخوف قاد الشعر بها المتلقي من محطة لأخرى وايقظ ذاكرتنا  وتماهي بعضنا ورسم كائنات حيه تحلق بـأروحنا فوق غمام قد يمطر لقد رسم اشواقنا ونهاياتنا واحلامنا حتى سرى اعتقاد المتلقي ان باقر صاحب اخضعنا لتنويم مغناطيس عشرون عاما فضائيا!!
صحيح ان الشاعر برمزيته مضى بالقاري لتفسيرات وتأويلات الا انه وسع من فضاء خياله لدنيا حلم الواقع اوواقع حلم رغم انه اظهر على عكس ما يرى البعض ان هدفه بين وان اخفاه في متن كل نص0
استخدم الشاعر لغة نوعية تتفاعل مع كل الاحداث وهو فاعل فلسفي في عملية التعبير والتقصي والاستفهامات المثالية في منطقة اشتغاله بينما تتلاقح مع رؤى ووجدان وتصورات الشاعر وحواريته مع نفسه ومع المتلقي ص9 وص31 وص34 وص37 وص42
ان الذائقة الجمالية للمتقي تلعب دورا هاما في فك طلاسم النص ومعرفة احاسيس المبدع ووجدانه ووضوح الجمال المطلق في فلسفة الشاعر وبناءه في قصائد المجموعة يبدو تأثر الشاعر بمجموعة متلاحقة من الخيارات الثقافية والفلسفية  فتارة يغلف الحياة بالشعر والعكس بالعكس فهو يعالج في كل قصائد المجموعة مفاهيم كبيره على المستوى البنائي في الاهداء قبل الترنيمة الكبيرة وهي قصائد المجموعة الكاملة يتماهى الشاعر ويتقمص  في بداية المراحل لحظة شروع الحلم ويحاكم احلامه ويعيد اكتشاف ذاته!؟
في صفعة البداية يطرح سؤال موجه لذاته اولا فدائما يرى الانسان نفسه من الداخل اجمل بكثير واقوى وافضل من جسمانيتة الشهوانية
اكتب
كي تزجر شيخوخة ايامك
عن التسلل الى وسامة روحك
00000كي يشرب الألم
دماءه في متاهة النص
كثافة شعرية في لغة بارعه مفعمة منمقة وعميقه، اشارات وتنبؤات حتميه في اكثر من حواريه لقد عمل باقر صاحب على اكتشاف طريقه لإغواء المتلقي في حوارياته المفتوحه ومشاكسته من خلال الغوص في ما وراء النص والاحتمالات المتعددة مثلما وفق الشاعر في ان يضع القارئ في روح النص وان جهل او تجاهل حبكة المعنى وما يبطن 0
قدم نصوصا عذبة كسحابة من عطر كانت ناضجه وبعيدة عن الاسفاف وعن المشاعر الظاهرة والرومانسية انها تجربة غنية تمكن مبكرا من تقديم باقة جديدة من الشعر الرصين وكان متأثرا بشحن الحضارة سيما الثورية منها لقد قرأنا نمطا من التصور والخيال واستقراء القادم ورسم بأبداع تداعيان الزمكان  0
تميزت قصائد المجموعة بكثافة الوجوه التعبيرية فتارة تجد نصا رمزيا وتجريديا فيما حرص على الشمولية في اصل الفكرة اعني فكرة النص وغادر المحطات الصغيرة  من المشاعر الكاذبه0
لقد قدم باقر صاحب لحن الخلود وببراعة  وخاطب المتلقي من مواضع عديده واظهرت تجربته قيمتها بما قدمه من حواريات ووصل الى مزاج المتلقي وتناغم مع احلامه ونكباته وطرح اجابات لحيرات كثيره من خلال مشاركة المتلقي بطرح الأسئلة وهذا الانزياح وقدم دلالات متعددة بقوالب محترف0
كما نكتشف ان الشاعر كان فنانا يرسم لوحته الشعرية قبل ان تكتب ورسم ثنائية الوعي والشقاء وعاد الى الجذور من خلال اهمية المكان في النص فقد شكل المكان لبنة اساسية في بنائه الفني للقصيدة من خلال جغرافية الحضور في المفاصل0
نتساءل هل استطاع الشاعر ان يعيد اكتشاف وطنه ونفسه في تلك المجموعة من خلال طرحه الأسئلة المتحركة التي يعرف اجاباتها؟
لقد ذكرني بالروائية التشيلية ايزابيل اللندي وعملها الكبير (بلدي المخترع) وهي تؤسس لصور الضحايا والدم والاشلاء المبعثرة والتي سكنت تحت الانقاض0

الخلاصة:
المنجز الذي بين ايدينا خلاصة تجربة باقر صاحب وليس توثيقا لعقد واحد من حياته والحق انه مفخرة وتحفة ادبية وكل حروفه تفجر اللغة وتطرح الاسئلة لاحتمالات متداوله
لقد عالج الشاعر في مجموعته ثيم عديده وعميقه ليس اهمها الموت او الامل او مواجهة الحقائق بحقائق اخرى قدم نصوصا خلط ببراعةماصهرته بوتقته وتجربته الفذة واظهر عالمه الشعري بلغة مميزة صورة جديده لقصيدة النثر تجاوزت المألوف ومهد لظهور جيل جديد الشعراء وفتحت بابا لمدرسه نقدية معاصره تعتمد التاريخانية وتفسير ما وراء النص تفسر كل الاشتغالات بروح جديده بعد انهيار الوئام المجتمعي في نصف العالم الانهيار الذي ذهب بكل القيم وعاد بالحياة الى جزمية الاعتقاد ان تكون او لاتكون؟
ملاحظة : اعترف اني عشت اجواء مختلفة وانا اتصفح المجموعة  واجدني اعجز من مقاربتها نقدا فشخص هاو مثلي لا يتقن الاحتراق والاحتراف لا يخترع وطن
Najem_aljabire@yahoo.com